تأثير الحجر المنزلي الناتج عن جائحة كورونا على صحة الأطفال ودراستهم من خلال بحث تحليلي أجراه فريق طبي برئاسة الدكتور سام حسن على شريحة من أولياء الأمور في ميديكلينيك مستشفى المدينة في دبي
 

منذ ظهور جائحة كورونا في نوفمبر عام 2019 أصيب أكثر من 40 مليون شخص بالمرض وتسبب بوفاة أكثر من مليون آخرين حسب الإحصائيات الرسمية العالمية
 

وقد تسببت الإجراءات التي تم اتباعها من قبل السلطات المعنية في العالم لإيقاف تفشي الجائحة مثل غلق المدارس وبقاء الأطفال في المنازل بمشاكل صحية ونفسية غير مسبوقة.  بالأخص الأطفال الصغار في السن حيث أنهم أكثر حساسية للمتغيرات الحسية والنفسية والجسدية مما ينتج عنه مشاكل أكثر تعقيداً. كما أن الأطفال في هذا السن يمرون بحالة من التطور والنمو الذي يحتاج فيه الطفل أن يكون في المدرسة لتطوير قابليته الحسية والإدراكية والاجتماعية.  فالطفل بحاجة لتطوير إدراكاته العقلية من خلال التفاعل الحسي المباشر مع أقرانه ومدرسيه كجزء من حياته في المدرسة
 

ولتحديد تأثير جائحة كورونا من خلال الحجر المنزلي والدراسة عن بعد على الأطفال قام فريق طبي بقيادة الدكتور سام حسن استشاري طب الأطفال في ميديكلينيك مستشفى المدينة  وأستاذ مشارك من جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية بإجراء دراسة تحليلية على عينة من أكثر من 650 طفل عن طريق أولياء الأمور من مختلف الجنسيات.  وقد أظهرت الدراسة تأثيرات سلبية متعددة على صحة الأطفال من خلال الحجر المنزلي والابتعاد عن المدرسة.  وتعد هذه الدراسة الأولى من نوعها عالمياً وقد تم نشرها في (المجلة الأمريكية لطب الأطفال)

http://www.sciencepublishinggroup.com/journal/paperinfo?journalid=380&doi=10.11648/j.ajp.20200604.14


:أظهرت الدراسة ما يلي
 

أن نسبة 72٪ من الأطفال عانوا من تغيرات نتجت عن الإغلاق في السلوك والتصرف بينما ظهرت أعراض ذهنية على نسبة 57٪ منهم ولم تكن هذه الأعراض موجودة فيهم من قبل.   وقد أثرت الجائحة مادياً واقتصادياً على 14٪ بسبب فقدان أحد أو كلا الأبوين لوظيفته أو إنخفاض راتبه

أن 36٪ من الأطفال عانوا من فرط السلوك بينما عانى 36٪  من الشعور بالوحدة والانعزال و 18٪ من قصور في الانتباه والتركيز

أقر 72٪ من أولياء الأمور بأن الحجر أثر علـى النشاط الجسدي والرياضي للطفل وكان السبب بنسبة 50٪ يعود لعدم توفر مكان كافي لذلك

أما التأثير على النوم فقد بلغت نسبته 41٪ من الأطفال وكان معظم التأثير بسبب النوم المتأخر أو قلة النوم والكوابيس والتحدث أثناء النوم أو النوم المتقطع

وكانت التأثيرات على الأكل واحدة من أهم الأمور التي عانى منها أولياء الأمور والأطفال.  فقد ظهر أن 50٪ من الأطفال عانوا من مشاكل في الأكل مثل الإكثار من الوجبات السريعة والحلويات أو حتى رفض الأكل وجميعها لم تكن موجودة قبل ذلك

عانى أكثر من 75٪ من الأطفال من الشعور بالوحدة والحنين للأصدقاء والمدرسة بشكل متكرر

ومن الأمور ذات الأهمية كانت تلك المعاناة أكثر عندما يكون شخص في العائلة قد أصيب بمرض الجائحة.  حيث تضاعفت النسب المذكورة أعلاه في السلوك والتصرف والأكل والنوم وغيرها

وقد اظهرت الدراسة أن واحدة من أهم الأمور التي تأثرت بالجائحة وما جرى منها هو أن ثلث أولياء الأمور لم يراجعوا المستشفى بأطفالهم من أجل اكمال اللقاحات الأساسية المهمة ولا من أجل الفحص الدوري على النمو والتطور.  وقد عزى الغالبية منهم ذلك بسبب الخوف من الفيروس أو بسبب غلق العيادة أو أسباب أخرى ذات علاقة.  وهذا لا يختلف عن أرقام منظمة الصحة العالمية التي نشرت في تقاريرها بأن 75٪ من 82 بلداً حول العالم تسببت الجائحة بخفض مستوى اللقاحات الأساسية للأطفال مما قد يتسبب بعودة بعض الأمراض التي كانت تسمى بالمعدية مثل الحصبة والسعال الديكي والنكاف وغيرها

قرر حوالي ثلثي أولياء الأمور عدم اصطحاب الأطفال للاماكن العامة والتسوق خوفاً من الجائحة ولايزال نفس العدد يتخوف من ذلك

ورغم تلك المشاكل النفسية والحسية والسلوكية فإن 82٪ من أولياء الأمور لم يتواصلوا مع أخصائيين نفسيين من المدرسة أو غيرها بسبب عدم معرفتهم بوجود والحاجة إلى ذلك

أما فيما يخص التعليم عن بعد فقد أظهر نسبة 65٪ من أولياء الأمور رضاهم بمستوى التعليم عن بعد ولكن 35٪ فقط كانوا أظهروا عدم رضاهم، وذلك بواسطة مقياس من 1 الى 5 على أن 1 و 2 يكون الأداء ضعيف و 3 إلى 5 فالأداء مقبول أو جيد.  وقد أقر أولياء الأمور بالأخص الأمهات بأن الدراسة عن بعد قد أضاف متاعب لهم خاصة عندما يكون الطفل صغيراً بالعمر ومع وجود مشاكل الانترنت والربط وتعدد الأطفال في أماكن مختلفة.  علماً بان الانترنت لا يمكن أن يؤدي نفس الوظائف التعليمية الحسية في الصف الواحد

وأخيرا فقد أقر 63٪ من أولياء الأمور بأن للجائحة وما ترتب عليها تأثيرات طويلة الأمد قد تظهر فيما بعد
 

وقد كانت تلك الدراسة مهمة للذين يعملون مع الأطفال والأهل والمدارس وأنها قد وضعت أساس لدراسات أخرى في نفس السياق لاسيما وأن المدارس لم تعد إلى سابق عهدها
 

وأخيراً فالشكر موصول لجميع أولياء الأمور والأمهات الذين ساهموا في هذه الدراسة وإنجاحها.  وكذلك الشكر موصول لإدارة ميديكلينيك الشرق الأوسط وميديكلينيك مستشفى المدينة لتشجيعهم على البحث العلمي والدراسة.  وبالطبع الشكر الخاص لأعضاء الفريق البحثي بقيادة الدكتور سام حسن